إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
183442 مشاهدة
حكم السلم

...............................................................................


ثم ذكر أنه جائز بالإجماع، وذلك أو قد استدل عليه بالآية، آية الدين: إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ فالآية تعم ما إذا كان الغائب الثمن، أو الغائب المثمن.
كلاهما يسمى دينا مؤجلا إلى أجل مسمى، واستدل عليه بالحديث الذي سمعنا: من أسلم في شيء فليسلم في كيل معلوم، أو وزن معلوم، إلى أجل معلوم فأفاد بأن السَّلَم جائز، ولكن بهذا الشرط، وهو معلومية الأجل، ومعلومية المَبِيع بكيل أو بوزن.
تعريفه شرعا: عقد على موصوف في الذمة.
أي يثبت في الذمة، مؤجل بثمن مقبوض بمجلس العقد، ولا بد أن يكون مؤجلا، ولا بد أن يكون موصوفا، ولا بد أن يكون مما ينضبط بالصفة، ولا بد أن يكون الأجل معلوما، ولا بد أن يكون الثمن معلوما، ولا بد أن يكون الثمن مقبوضا بمجلس العقد.
وكأنَّ هذا التعريف اختصار للشروط؛ لأنه ذكر أنه يصح بسبعة شروط، فاختصر الشروط في التعريف.
ويصح بألفاظ البيع، والسَّلَم، والسَّلَف؛ وذلك لأنه عبارة عن بيع، ولكن المَبِيع غائب. ويسمى سَلَمًا؛ لتسليم رأس المال في المجلس، ويسمى سلفا؛ لتقدم أحد العوضين عن الآخر. فالثمن هنا يقدم عن المثمن فهو بيع، ولكنه بيع شيء في الذمة، وهو سلم لكونه تسليم ثمن وانتظار المثمن، بألفاظ البيع والسَّلَم والسَّلَف.
ذكر أنه جائز بالإجماع بمعنى أن الأمة مجمعة عليه؛ وذلك لورود الدليل من الكتاب والسنة نعم.